نشاة و مراحل تطور علم النفس

 مراحل تطور علم النفس بدأ من نشأته

قبل البدء في شرح مراحل تطور علم النفس و التعمق في تاريخه دعونا نمر ولو بشكل مبسط على تعريف علم النفس.

علم النفس كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية psyché logos و التي تواجدت قبل الميلاد بزمن طويل، حيث إهتم قديما الفلاسفة في دراسة الروح و أجمع جلهم أن الروح مادة كالهواء بلغت حدا كبيرا من الرقة و الشفافية.

حتى جاء أفلاطون بمفهوم جديد له حيث أكد أن لأفكار الإنسان تأثير كبير على سلوكه و أن لها وجود مستقل عن الإنسان.

نشاة و مراحل تطور علم النفس

مراحل تطور علم النفس

خطى علم النفس منحى جديد في الإتجاه العلمي بمجيئ أرسطو، حيث أشار الى أن الروح أو النفس ماهي إلا وظائف حيوية لدى الكائن الحي التي من دونها لا يكون الجسم إلا جثة هامدة. 

و به تكون الحالات النفسية نتيجة عمليات جسمية. و كان أرسطو أول من حاول فهم الطرائق التي يفكر بها الإنسان، و قام بصياغة قوانين علم النفس في زمانه فهو يعتبر المؤسس الأول لعلم النفس.

في تلك الحقبة إهتم الفلاسفة و المفكرين بعلم النفس و ناقشوا طبيعة النفس حتى إنقسموا إلى شقين: رجال دين إهتموا بدراسة الظواهر الروحانية و الفلاسفة و علماء نفس إهتموا بدراسة الظواهر العقلية.

فكان بداية إنشقاق علم النفس عن علم الإلهيات، مما أدى بدوره إلى ظهور قضية صلة العقل و الجسم و التي حاول الفيلسوف الفرنسي ديكارت حلها، فقد قال إن الخاصة الجوهرية للجسم هي الإمتداد أي شغل حيز فراغ بينما خاصية العقل هي التفكير و الشعور. و الصلة بينهما هي صلة تفاعل ميكانيكي يحدث في الغدة الصنوبرية في المخ.

كان ديكارت يرى أن الإنسان و الحيوان ما هما إلا آلة معقدة ينشطها الضوء و الصوت و غيرهما من المنبهات. فقد قال أن الحيوان لا يحس و لا يشعر بل يستجيب فقط للمنبهات الخارجية، أما الإنسان فلديه عقل يجعله يتصرف تصرفا عقلانيا حيث أن الشعور أهم خاصية لديه. 

و من هنا أقبل الباحثون إلى دراسة الشعور فأصبح علم النفس علم الشعور يقوم بدراسة الحالات و الخبرات الشعورية، كالتفكير و التذكر و الإنفعال يصفها و يحللها الى إحساسات و أفكار و صور ذهنية و مشاعر.

و في تلك الآونة كان البحث يقام بالملاحظة الداخلية أو التامل الباطن الذي يتم بملاحظة الفرد لما في شعوره من خبرات حسية أو فكرية قصد وصفها و تحليلها. في الفترة تلك، ظهرت في إنجلترا مدرسة تسمى الترابطية مؤسسها جون لوك (1632-1754) و من أنصارها هارتلي و ستيوارت ميل و هربرت سبنسر. و من مبادئ المدرسة تلك، أن الإنسان يولد و عقله صفحة بيضاء تنقش عليه الخبرات الحسية ما تشاء فليس قبلها في العقل شيء، و أن هذه الخبرات تأتي عن طريق الحواس التي تعتبر حسب الترابطية عناصر العقل و وحدته. 

غير أنها في بادئ الأمر تكون غير مترابطة و غير منظمة ثم تترابط و تنتظم لما بينها من تشابه أو تضاد أو تجاوز في الزمان و المكان، فينشأ بذلك الإدراك و التصور و التخيل و التفكير و أيضا الإبتكار.

كانت مهمة علم النفس في المدرسة الترابطية هو تحليل المركبات العقلية و الشعورية إلى عناصرها من إحساسات و صور ذهنية، ثم تفسير تجمعها و إنتظامها في وحدات مركبة عن طريق التأمل الباطن.

بداية التحول الجذري لمفهوم علم النفس 


نشاة و مراحل تطور علم النفس

في عام (1809-1882)، ظهر داروين بنظريته التطورية التي قضت على الرأي الشائع بإنفصال الحيوان عن الإنسان إنفصالا جوهريا، و أكد أثر الوراثة في الوصل بين الماضي البعيد للخليقة و بين حاضرها و أثر البيئة في تطور الكائنات الحية

واجه علم النفس بفعل هذه النظرية الجديدة مشكلات و موضوعات لم يعهدها من قبل. فإهتم علماء النفس بدراسة سلوك الكائنات الحية و غرائزها و ذكائها و عملية التعلم لديها، كما إهتموا بدراسة النمو النفسي لدى الفرد و عوامل تأثره بالوراثة و البيئة، ثم صار الإهتمام موجها خصيصا إلى دراسة السلوك بدلا من دراسة الشعور.

ككل العلوم، كان لا بد أن يكون للعلم النفسي منهج يسير عليه من أجل تأكيد معطياته، فعمل معظم الباحثين بالمنهج التجريبي كركيزة لهم في أعمالهم، و الذي يقوم على طرح أسئلة ثم القيام بالملاحظة و التجارب للحصول على الأجوبة.

ففي 1879، أسس فونت أول مخبر لعلم النفس التجريبي بجامعة ليبزيغ الالمانية، حيث قام بإجراء تجارب على الحواس كالسمع و البصر و اللمس، و أيضا كيفية التذكر و التعلم و التفكير و الإنتباه و قياس سرعة النبض و التنفس أثناء الإنفعال. و قد دلت هذه التجارب إلى أن معظم هذه الحواس و الوظائف النفسية يمكن أن تدرس بموضوعية، أي دون الإشارة للحالة الشعورية للشخص و دون إستخدامه للتأمل الباطن.

و من هذا التاريخ، أصبح علم النفس علم سلوك و علما تجريبيا إلى جانب العلوم التجريبية الأخرى. و كان سببا لظهور المدرسة السلوكية لواطسون الأمريكي في مطلع القرن الماضي، و التي نظرت إلى الإنسان على أنه آلة ميكانكية معقدة و أن علم النفس هو دراسة السلوك الحركي الصريح للإنسان و الحيوان، و ذلك بالملاحظة الموضوعية البحتة أي دون الإشارة إلى ما يخبره الفرد من حالات شعور أثناء ملاحظته أو إجراء التجارب عليه.

و في ظل إستبعاد التأمل الباطن و دراسة الشعور و إستبدالهما بدراسة السلوك بموضوعية، أتى النمساوي سغموند فرويد بأدلة دامغة على وجود حياة نفسية لاشعورية إلى جانب الحياة الشعورية، بل و أن الحياة الشعورية ليست إلا جزءا بسيطا من الحياة النفسية كلها.

العوامل المدروسة في علم النفس اليوم

فأصبح علم النفس مضطرا للأخذ بعين الإعتبار للعوامل اللاشعورية لتفسير الظواهر النفسية السوية و الشاذة، عن طريق ملاحظة السلوك الخارجي للفرد و تعبيراته اللفظية، فقد أصبح يعرف بعلم السلوك الذي يهتم بدراسة الحياة النفسية الشعورية و اللاشعورية.

كان هذا مرور سريع على نشأة و مراحل تطور علم النفس و تاريخ دراسته وتأثيره على حياة وصحة الانسان النفسية والتي تنعكس على صحته الجسدية بكل تأكيد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصائح من أجل حماية أطفالنا وجعل أجسامهم قوية

5 طرق بسيطة للعناية بالبشرة يوميا